الإنفلونزا


الإنفلونزا الإسبانية الأكثر فتكاً

كي نواكب الوضع  في ظل كوفيد 19 كورونا نتحدث عن أكثر الأوبئة فتكاً للبشرية الإنفلونزا الإسبانية هي جائحة حصلت في سنة 1918 وأصابت 500 مليون شخص حول العالم وتسببت في وفاة 50 مليون إنسان وأودت بضعف وفايات الحرب العالمية الأولى بنحو ١٠٠ مليون شخص وحددوا الباحثون في المعسكر الرئيسي للقوات في إتابلس بفرنسا بصفته مركز الإنفلونزا الإسبانية نشر البحث فريق بريطاني في عام 1999 بقيادة عالم الفيروسات جون أكسفورد وفي أواخر عام 1917 أبلغ علماء الأمراض العسكريون عن ظهور مرض جديد مع إرتفاع عدد الوفايات والتي علموا فيما بعد أنه فيروس الإنفلونزا وكان المخيم والمستشفى يمتلكون موقعاً مثالياً لنشر فيروس الجهاز التنفسي وقام المستشفى بمعالجة الآلاف من ضحايا الهجمات الكيماوية وغيرها من الإصابات الحربية كمرور 100 ألف جندي كل يوم عبر المخيم وقد كانوا الخنازير الحية يعيشون به كحظيرة لا أكثر وكانوا يحضرون الدواجن بإنتظام من القريات القريبة والمجاورة  للحصول على الإمدادات الغذائية وإفترض أكسفورد وفريقه أن نذير الفيروس الأساسي يسكن الطيور بالأصل ويتحور ثم يهاجر إلى الخنازير الموجودة بالقرب من مقدمة المعسكر وكان هناك إدعائات بأن أصل الوباء يعود إلى الولايات المتحدة وزعم المؤرخ ألفريد دبليو كروسبي أن الإنفلونزا قد نشأت في ولاية كنساس ووصف المؤلف الشهير جون باري مقاطعة هاسكل في كنساس بأنها نقطة الأصل وقال أيضاً أنه بحلول أواخر عام 1917 ستتواجد بالفعل موجة أولى من الوباء في 14 معسكر عسكرياً أمريكياً على الأقل
 وكانت الصين هي إحدى المناطق القليلة في العالم التي حصلت على أقل ضحايا بسبب جائحة إنفلونزا في عام 1918 إذ كان هناك موسم إنفلونزا خفيف نسبياً عام 1918 والتي كانت تمتلك عدد قليل جداً من الوفايات الناجمة عن الإنفلونزا في الصين مقارنةً بمناطق أخرى حول العالم وأدى ذلك إلى مناقشات بأن وباء إنفلونزا نشأ في الصين عام 1918 ويمكن تفسير موسم الإنفلونزا المعتدل نسبياً ومعدلات الوفايات المنخفضة في الصين عام 1918 نظراً لحقيقة أن السكان الصينيين لديهم بالفعل مناعة مكتسبة من فيروس الإنفلونزا وهكذا في عام 1918 كانت الصين بمنأى عن الخراب العظيم الذي خلفه الوباء وذلك بسبب المقاومة الواضحة للفيروس بين الصينيين مقارنةً بالمناطق الأخرى في العالم وطرحت فرضيات سابقة نقاط منشئ مختلفة للوباء وإفترض البعض أن الإنفلونزا نشأت في شرق آسيا وهي منطقة شائعة لنقل المرض من الحيوانات إلى البشر بسبب ظروف المعيشة الصعبة في عام 1993 وأكد كلود هانون الخبير الرئيسي في أنفلونزا 1918 بمعهد باستور أن الفيروس السابق على الأغلب قد أتى من الصين وتطور بعدها في الولايات المتحدة بالقرب من بوسطن وإنتشرت من هناك إلى بريست وفرنسا وساحات القتال في أوروبا والعالم من خلال جنود الحلفاء والبحارة بإعتبارهم الناشرين الرئيسيين وإعتبرت أن العديد من فرضيات المنشئ الأخرى التي تقول إن الفيروس قد حضر من إسبانيا وكنساس وبريست ممكنة ولكن ليست محتملة ونشر عالم السياسة أندرو برايس سميث بيانات من الأرشيف النمساوي تشير إلى أن الإنفلونزا نشأت في وقت مبكر بدءاً من النمسا في أوائل عام 1917 وفي عام 2014 جادل المؤرخ مارك همفريز بأن تعبئة 96 ألف عامل صيني للعمل خلف الخطوط البريطانية والفرنسية ربما كانت مصدر الوباء وإعتمد همفريز من جامعة ميموريال في نيوفاوندلاند في سانت جونز، في إستنتاجاته على السجلات المكتشفة حديثاً وقد وجد أدلة أرشيفية تشير على أنه مرضاً تنفسياً يصيب شمال الصين في نوفمبر عام 1917 وحُدد بعد عام من قبل مسؤولين الصحة الصينيين على أنه مطابق للإنفلونزا الإسبانية ولم يجد التقرير الذي نُشر في عام 2016 في مجلة الجمعية الطبية الصينية الذي يمتلك الدليل على أن فيروس نُقل عام 1918 إلى أوروبا عبر الجنود والعمال من جنوب شرق آسيا والصين ووجد التقرير أدلةً على أن الفيروس إنتشر في الجيوش الأوروبية لعدة أشهر وربما سنوات قبل إنتشار الوباء 1918.

العدوى

عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس ينتشر أكثر من نصف مليون جسيم فيروسي إلى من يقف مجاورة الشخص وتسببت التحركات القريبة والكبيرة للقوات في الحرب العالمية الأولى في إنتشار الوباء سريعأ وزاد هذا من إنتقال الفيروس وزيادة طفراته قد تكون الحرب سبب الزيادة في قدرة الفيروس بالقضاء على المصابين به ويتكهن البعض بأن أجهزة المناعة لدى الجنود قد ضعفت بسبب سوء التغذية فضلاً عن الضغوط القتالية والهجمات الكيميائية مما يزيد من قابليتها للتأثر وهناك عامل كبير في حدوث هذه الإنفلونزا على مستوى العالم وهو زيادة السفر الذي جعل أنظمة النقل الحديثة تسهل على الجنود والبحارة والمسافرين المدنيين في نشر المرض في الولايات المتحدة ولأول مرة رُصد المرض في مقاطعة هاسكل بكنساس في يناير عام 1918 مما دفع الطبيب المحلي لورينغ مينر إلى تحذير المجلة الأكاديمية لخدمات الصحة العامة الأمريكية وفي 4 مارس 1918 أبلغ عن مرض الطباخ ألبرت غيتشيل من مقاطعة هاسكل في فورت رايلي وهي منشأة عسكرية أمريكية كانت في ذلك الوقت تدرب القوات الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى مما جعله أول ضحية مسجلة للإنفلونزا وفي غضون أيام قليلة أبلغ عن مرض 522 رجلاً في المخيم وبحلول 11 مارس عام 1918 وصل الفيروس إلى كوينز بنيويورك وإنتقد في وقت لاحق عدم إتخاذ تدابير وقائية في مارس وأغسطس عام 1918 وظهرت سلالة أكثر ضراوة في وقت واحد في بريست وفرنسا وفي فريتاون وسيراليون وفي الولايات المتحدة في بوسطن بماساتشوستس وإنتشرت الإنفلونزا الإسبانية أيضاً عبر أيرلندا إذ عاد الجنود الأيرلنديون إليها وحينها أطلقوا الحلفاء في الحرب العالمية الأولى على المرض إسم الإنفلونزا الإسبانية وذلك أساساً لأن الوباء تلقى اهتماماً صحافياً كبير بعد إنتقاله من فرنسا إلى إسبانيا في نوفمبر عام 1918 ولم تشارك إسبانيا في الحرب ولم تفرض رقابةً في وقت الحرب.

معدل الوفايات

معدل الوفايات العالمي في عامي 1918 و1919 غير معروف ولكن التقديرات تشير إلى أن ما بين 2.5 - 5٪ من المصابين بالمرض تعرضوا للوفاة كما إختلف تقدير أعداد الوفايات فالتقديرات الأولية كانت تشير إلى أن 40-50 مليون شخص توفوا نتيجة الإنفلونزا بينما التقديرات الحالية ترفع هذا العدد إلى 50-100 مليون وتم وصف هذا الوباء بأنه أعظم هولوكوست طبي في التاريخ وقد أدى لعدد وفايات تخطى ما حصده مرض أو فيروس الطاعون الأسود في القرن الرابع عشر الميلادي وحصد الوباء حوالي 5% من مجموع سكان الهند آنذاك وقد قدر الرقم بنحو 17 مليون شخص وفي اليابان أحصيت أكثر من 23 ميلون حالة إصابة نتج عنها حوالي 390 ألف حالة وفاة وأصيب حوالي 28% من السكان في الولايات المتحدة بالمرض وحصد أرواح ما بين 500 و 675 ألف شخص وفي بريطانيا رصدت أكثر من 250 ألف ضحية وفي فرنسا بلغ العدد 400 ألف وسقط في كندا حوالي 50 ألف مريض وتميزت الإنفلونزا الإسبانية على عكس أنواع الإنفلونزا الأخرى بقدرتها على إحداث مضاعفات مميتة على أعمارهم في أقل من 45 سنة فالإحصائيات تشير إلى أن 99٪ من الوفايات كانت تحصل مع أشخاص تكون أعمارهم أقل من 65 سنة وأكثر من نصف الوفايات كانت في المجموعة العمرية ما بين 20-40 سنة وكان السبب الرئيسي للوفاة هو الإختناق نتيجة نزيف رئوي أو التهاب رئوي ثانوي ويرى البعض أن سبب مناعه كبار السن النسبة ضد الإنفلونزا الإسبانية يعود لتعرضهم للإنفلونزا الروسية عام 1889 مما أكسبهم مناعة جزئية ضد الفيروس وكانت الأعداد الهائلة للوفيات نتيجة لنسب العدوى العالي التي بلغت 50% من السكان كما ساهمت حدة أعراض المرض في إرتفاع الرقم نتيجة لما سببه المرض من إرتفاع هائل للسيتوكين داخل الجسم وبالتالي حدوث أعراض أكثر شدة وأعظم فتكاً.

سبب تسميتها الإنفلونزا الإسبانية 

على الرغم من تسمية الوباء بالإنفلونزا الإسبانية إلا أنه لم يصدر من إسبانيا ويرجع سبب التسمية إلى إنشغال وسائل الإعلام الإسبانية بموضوع الوباء نتيجة لتحررها النسبي مقارنةً بالدول المشاركة في الحرب العالمية الأولى فإسبانيا لم تكن جزءً من الحرب ولم يتم تطبيق المراقبة على الإعلام الإسباني ومن المفارقات أن الإسبان أطلقوا على العدوى إسم الإنفلونزا الفرنسية .

الإنفلونزا الإسبانية والكورونا 

يختلف طبيعة الفيروسان عن بعضهما فالإنفلونزا المصنفة H1N1 عن الكوفيد 19 من حيث الطبيعة والمنشأ فهناك فرضيات تقول أن الإنفلونزا جاءت من الصين لكنها كانت ضعيفة جداً لاكن كان التشابه بأن النظافة والإجراءات الطبية الصارمة لها أثر شديد خصوصاً عند إستخدام الولايات المتحدة للحجر الصحي في جزر ساموه أحد أندر الأماكن التي لم تصلها الإنفلونزا . 

0/انشر تعليق/تعليقات